جريمة شريف الهواري | قصة حقيقية صدمت الإسكندرية وانتهت بالإعدام
من الحب إلى حبل المشنقة | القصة الكاملة لجريمة شريف الهواري في الإسكندرية
قصتنا اليوم ليست خيالاً… وليست من وحي رواية بوليسية… بل هي جريمة حقيقية دارت أحداثها في مدينة الإسكندرية عام 2020، جريمة بدأت بدافع الطمع، وانتهت بحكم إعدام.
احكوا معي بهدوء، وتخيلوا المشاهد، كأنكم تشاهدونها بأعينكم.
شريف الهواري… شاب في الخامسة والعشرين، يعيش في منطقة الورديان. كان معروفاً بين أهله وجيرانه بغروره وتكبره، حتى مع أقرب الناس إليه. بعد أن أنهى دراسته في كلية التجارة، قرر أن يترك بيته وأسرته ليستأجر غرفة بعيداً، لا لشيء إلا لأنه كان يستعر من منطقته وأهلها. عمل ليل نهار ليجمع ما يكفي من المال لينفقه على مظهره وملابسه الفاخرة وسهراته.
ومع مرور الوقت، صار لشريف دائرة من الأصدقاء الجدد، أغلبهم من رواد السهر والمقاهي الراقية، وكان يستغلهم، فهم يدفعون حساب المطاعم والمقاهي بينما يكتفي هو بالظهور في أبهى صورة.
وفي إحدى سهراته، وقعت عينه على سيدة تجلس وحدها… تبادل معها النظرات ثم جلس إلى جوارها. عرّفته بنفسها: نرمين، أرملة تبلغ من العمر 49 سنة. لم يمض وقت طويل حتى تطورت العلاقة بينهما بسرعة، وفي أقل من شهر عرض عليها الزواج. نرمين لم تتردد لحظة، فقد رأت فيه الشباب الذي ينقصها، بينما هو رأى فيها الشقة، والسيارة، وأموال الشهادات البنكية التي تدر دخلاً ثابتاً.
تم الزواج بسرعة، وانتقل شريف إلى شقتها في منطقة كامب شيزار. منذ البداية، كان كل واحد منهما يعرف تماماً ما يريده من الآخر: هي تبحث عن المتعة والدلال، وهو يسعى وراء المال والرفاهية.
لكن سرعان ما تحول الزواج إلى روتين خانق. نرمين كانت تفرض شروطها: لا خروج ولا سهر بعيداً عنها. أما هو، فكان يتمرد ويغضب، ومع كل يوم تتصاعد المشاكل حتى صار صوتهما مسموعاً للجيران في العمارة كلها.
وفي أحد الأيام، تعرف شريف على فتاة صغيرة من خلال أصدقائه… ونشأت بينهما علاقة. حين علمت نرمين، قامت الدنيا ولم تقعد، تشاجرت معه وطردته، بل طلبت الطلاق. عندها شعر شريف أن نفوذه عليها انتهى، وأنها قد تتخلى عنه في أي لحظة، ومعنى ذلك أن أحلامه بالمال والرفاهية ستضيع.
ومن هنا… بدأ يفكر بطريقة أخرى. كيف يتخلص منها نهائياً… وفي نفس الوقت ينجو من الاتهام؟
خطط أياماً وليالي، حتى استقر على خطة شيطانية. وقبل تنفيذها بيوم، افتعل شجاراً كبيراً معها، تعمّد أن يصرخ ويضربها حتى يسمع الجيران، وخرج بحقيبته متظاهراً أنه سيترك البيت نهائياً. حتى الجارة العجوز تدخلت وحاولت الإصلاح بينهما. كل ذلك كان جزءاً من المسرحية التي أعدها شريف بدقة، ليظهر في صورة الزوج المظلوم.
وفي اليوم التالي… اتصل بشريف بنرمين معتذراً، وأقنعها بالخروج للإفطار على البحر. أبدى ندمه، وتوسل لها حتى سامحته. لكنه لم يعد معها إلى البيت مباشرة، بل أخبرها أنه سيتأخر قليلاً بسبب الزحام. وفي الخامسة مساءً، اتصل بها مرة أخرى طالباً منها أن ترسل حارس العمارة لإحضار طلبية طعام من مطعم بعيد… كل ذلك كان ليتأكد أن البيت سيخلو من الحارس.
وبالفعل… بمجرد أن خرج الحارس، كان شريف يراقب من سيارته. تنكّر جيداً: قبعة، نظارة، كمامة تخفي ملامحه بالكامل. صعد إلى شقة نرمين وطرق الباب. وحين فتحت… باغتها بطعنة في قلبها. سقطت بين يديه، لكنه لم يكتفِ… ظل يطعنها سبع طعنات متتالية حتى تأكد من موتها.
بعدها قلب الشقة رأساً على عقب، سرق الذهب والمجوهرات والأجهزة، ونزع الحُلي من جسدها، وخرج مسرعاً. لكن القدر تدخّل في لحظة حاسمة: وهو يهرب، قابل الحارس العائد من مشواره. دفعه شريف بقوة ليفلت، فسقطت حقيبته الممتلئة بالذهب! لم يتمكن من العودة لالتقاطها، فقد كان الحارس يركض خلفه. تركها وفرّ هارباً.
صعد الحارس ليتأكد، فوجد باب شقة نرمين موارباً، دخل ليصدم بالمشهد المروّع: نرمين غارقة في دمائها. اتصل بالشرطة فوراً، وبدأ التحقيق.
الشكوك حامت حول شريف منذ اللحظة الأولى، لكن لم يكن هناك دليل مباشر. بل إن الجارة العجوز أكدت أن شريف كان يحب زوجته جداً! وهكذا أغلق ملف القضية مؤقتاً، وعاد شريف ليعيش في شقة نرمين وكأن شيئاً لم يكن.
لكن المفاجآت لم تنتهِ. بعد فترة قصيرة، ظهر أخو نرمين "فريد" وأختها "سلمى"، القادمان من الإمارات. عندها اكتشف شريف أن نرمين لم تكن مقطوعة من شجرة كما أخبرته، وأن لها ورثة شرعيين. ومعنى ذلك أن الشقة والسيارة وأموال الشهادات لن تكون من نصيبه وحده. لم يحصل إلا على ربع الميراث فقط، والبقية ذهبت لإخوتها.
ومع أن الجريمة بقيت بلا حل، لم ينس شريف الذهب الذي صودر كحرز في المحكمة. وسوس له الشيطان بخطة جديدة: استغلال موظف على وشك التقاعد، يُدعى عصام، ليبدل الحرز ويضع بدلاً منه ذهباً مقلداً. دفع له رشوة ضخمة، وتمت العملية بنجاح. باع الذهب الحقيقي، وعاش بعدها سنوات في رفاهية، متزوجاً من الفتاة التي كانت معه يوم الجريمة.
ظن أن الأمر انتهى. لكن في مايو 2024، وبعد أربع سنوات كاملة، جاءه اتصال من فريد، أخو نرمين، يطلب منه الحضور معه ومع أخته لاستلام الحرز من المحكمة. وهنا وقعت الكارثة: عندما فُتح الحرز، اكتشف الجميع أن الذهب مزيّف.
على الفور، أعيد التحقيق. وواجهوا الموظف عصام، فانهار واعترف بأن شريف هو من دفعه لتبديل الذهب. عندها عادت الشكوك تحوم حوله، وبدأت النيابة تضغط عليه بالأسئلة، حتى انهار تماماً واعترف بجريمته الكبرى: قتل نرمين بدم بارد.
وفي سبتمبر 2024، أصدرت المحكمة حكمها النهائي… الإعدام شنقاً لشريف الهواري، ليكون عبرة لكل من يظن أن المال والترف يمكن أن يشترى حتى الدماء.
أعزائي المستمعين… ما رأيكم في هذه الجريمة؟ هل تعتقدون أن شريف كان سيعيش حراً لو لم يسعَ وراء الذهب مرة أخرى؟ أم أن القدر كان سيكشفه عاجلاً أم آجلاً؟
تعليقات
إرسال تعليق