هارولد شيبمان: ملاك الموت

 قصة هارولد شيبمان… الطبيب الذي خان القسم الطبي، وأثبت أن الشر أحياناً يرتدي وجه الطيبة

اليوم… سأحكي لكم عن رجلٍ عاش بين الناس… مهنةً ومكانةً، كان أقرب ما يكون إلى الملاك… لكنه كان في الحقيقة شيطاناً متنكرًا في معطف أبيض.

هذا ليس قاتلاً عادياً… هذا طبيب… طبيب كان مرضاه يثقون به ثقة عمياء، يفتحون له أبواب بيوتهم، يجلسون أمامه مطمئنين… حتى يمد يده بحنان، ويحقنهم… بحقنة لا علاج فيها… بل موت بطيء.

إنه هارولد فريدريك شيبمان… أو كما أطلق عليه الإعلام البريطاني لاحقاً: "ملاك الموت".


البدايات – الشر يزرع بذرته

وُلد هارولد عام 1946 في مدينة نوتنغهام. كان الثاني بين أربعة أطفال. في سن المراهقة، مرّ بحدث غيّر حياته إلى الأبد… والدته أُصيبت بسرطان الرئة.
هارولد كان ملازماً لها في أيامها الأخيرة… يراقب الأطباء وهم يحقنونها بالمورفين لتخفيف ألمها. كان يلاحظ شيئاً… مع كل حقنة، كانت تتغير ملامحها… حتى رحلت عن الحياة.

ذلك المشهد… ترك أثراً غامضاً في داخله. البعض يقول إنه ولد فيه هوس "التحكم" في لحظة الموت.


الطبيب الناجح… والمدمن

بعد تخرجه، بدأ شيبمان العمل في عيادات مختلفة. بدا طموحاً، جاداً، ملتزماً. لكن في أواخر السبعينيات… اكتشف زملاؤه شيئاً غريباً. كميات كبيرة من مسكن الألم القوي "بيثيدين" تختفي من المستودع.
التحقيق كشف أنه مدمن عليه… حوكم، وغُرّم، وتلقى علاجاً. لكن المدهش… أنه لم يُمنع من ممارسة الطب.

لقد عاد إلى عمله… لكن هذه المرة، عاد أخطر مما كان.


مدينة هايد – مسرح الجريمة الكبير

في منتصف الثمانينيات، انتقل شيبمان إلى مدينة هايد، وفتح عيادة خاصة.
كانت علاقته بمرضاه مثالية… يزورهم في بيوتهم، خصوصاً كبار السن، يستمع لمشاكلهم، يضحك معهم… لكن تلك الزيارات لم تكن دائماً من أجل العلاج.

[مؤثرات صوتية: دقات ساعة حائط، صوت فتح باب، خطوات على أرضية خشبية]
تخيلوا المشهد…
مسنّة تعيش بمفردها، تفرح بقدوم طبيبها الموثوق. يجلس بجانبها، يطمئنها، ثم يخرج حقنة… يبتسم وهو يقول: "ستشعرين بالراحة بعد هذه".
خلال دقائق، يثقل رأسها، تنطفئ عيناها… بينما هو يراقب بهدوء، بلا ذرة تعاطف. بعدها… يدوّن في السجلات: "توفيت بسلام".

كان يفضل ضحاياه من النساء المسنات، لأن موتهن يمكن أن يمر بسهولة كـ"وفاة طبيعية".


أرقام مرعبة

في العلن، كان شيبمان طبيباً حريصاً على صحة مرضاه… لكن الحقيقة؟
التحقيقات لاحقاً أثبتت أنه قتل ما يقارب 250 شخصاً… بعضهم كان أصغر من 40 عاماً، وأحدهم طفلة في الرابعة.

والأدهى… أنه كان يزور الضحية حتى ساعات قليلة قبل وفاتها، ثم يطلب من العائلة حرق الجثة، بحجة أن هذا "أفضل طبياً".


الخطأ الذي كشفه

في عام 1998، ارتكب خطأه القاتل.
اختار ضحيته التالية: كاثلين جراندي، رئيسة بلدية هايد السابقة. كانت امرأة معروفة، نشيطة، لا تعاني من أمراض خطيرة.
زارها في منزلها صباحاً… وفي المساء، وُجدت جثة على أريكتها.

لكن الغريب… وصيتها تغيرت فجأة، لتترك معظم ممتلكاتها، بقيمة 780 ألف دولار… لهارولد شيبمان!

ابنتها، المحامية أنجيلا وودروف، لم تصدق للحظة أن والدتها غيّرت وصيتها أو أنها ماتت فجأة. طلبت تشريح الجثة.
[مؤثرات: صوت ورق يتقلب، موسيقى توتر بطيئة]
النتيجة كانت صادمة… كميات قاتلة من المورفين في دمها.


الانهيار والقبض عليه

بمجرد القبض عليه، بدأ المحققون مراجعة حالات الوفاة التي وقعت تحت رعايته. ما وجدوه كان كابوساً… نمط متكرر: مريض مسن، وفاة مفاجئة، حقنة أخيرة، طلب حرق الجثة.

في يناير 2000، أدين بقتل 15 شخصاً وتزوير وصية كاثلين جراندي. وحُكم عليه بالسجن المؤبد، دون أي احتمال للإفراج.


النهاية

لكن حتى خلف القضبان، ظل هادئاً، بارداً… لا يعبّر عن الندم، ولا يفسر أفعاله.
وفي 13 يناير 2004، قبل يوم واحد من عيد ميلاده الثامن والخمسين، وُجد مشنوقاً في زنزانته.
انتهت حياته… لكن أسئلة كثيرة بقيت بلا إجابة:
لماذا فعل ذلك؟ هل كان ينتقم من موت أمه؟ أم كان مجرد هوس بالتحكم في مصير الآخرين؟



هذه كانت قصة هارولد شيبمان… الطبيب الذي خان القسم الطبي، وأثبت أن الشر أحياناً يرتدي وجه الطيبة.

تذكروا… ليست كل ابتسامة أمان، ولا كل يد ممدودة للمساعدة تحمل الخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

روتينك الصباحي للبشرة: 7 خطوات بسيطة للحصول على بشرة صحية

رجيم الـ 7 فى7 دليلك لإنقاص الوزن