قصة اليتيم الذي تخلى عنه زوج أمه | حكاية مؤثرة ستبكي قلبك
قصة اليتيم الذي ترك بيت أمه حفاظًا على كرامتها | عبرة لا تُنسى
يحكى أن امرأة ترمّلت في سن صغيرة، وكان لديها طفل في الثالثة من عمره. وبعد فترة، تزوجت من رجل ثري وانتقلت معه إلى منزله الكبير، حاملة معها صغيرها. في البداية، لم يعترض الزوج على وجود الطفل، بل كان يعامله كابنه، يلعب معه ويمنحه الحنان.
مرّت الأيام، وبعد عام رزقت المرأة بطفل من زوجها الجديد، فغمر البيت فرح كبير، لكن شيئًا تغيّر في قلب الزوج. فقد بدأ ينفر تدريجيًا من الطفل اليتيم، وتوقف عن اللعب معه أو الاهتمام به، وأصبح لا يطيق وجوده في المنزل. بينما انشغل كليًا بابنه الذي جاء من صلبه.
وفي أحد الأيام، عاد الزوج من عمله وهو يحمل دراجة هوائية جديدة لابنه الصغير. جلست الأم تراقب بعين دامعة طفلها الأول، وهو يتأمل أخاه وهو يلهو على الدراجة في أرجاء البيت، وقلبه يفيض بالحزن. حاولت الأم أن تخفف من قسوته، وطلبت من زوجها أن يجلب دراجة مماثلة لابنها اليتيم، لكنه رفض بشدة وقال ببرود:
"لست مسؤولًا عنه، وإن كررت الحديث عنه فسأطرده من المنزل."
ارتجف قلب الأم خوفًا على صغيرها، وصمتت على مضض.
ومع مرور الوقت، كبر الولدان. سجّل الزوج ابنه في أفضل المدارس الخاصة، بينما رفض أن يفعل الشيء نفسه مع ابن زوجته قائلاً:
"لن أنفق أموالي عليه، فهو ليس ابني ولن يحمل اسمي."
اشتعل قلب الأم غضبًا وقالت بحزم:
"صحيح أنه ليس من دمك ولحمك، لكنه طفل بريء، أليس في قلبك ذرة رحمة؟ كيف تحرمه من حقه في التعليم وتتركه يغرق في الجهل؟"
لكن الزوج صرخ بوجهها:
"لقد ضقت ذرعًا! لم أعد أحتمل وجوده هنا، ولا أريد أن أراه في منزلي بعد الآن."
في تلك اللحظة، اقترب الصبي من أمه، ومسح دموعها الصغيرة بيده البريئة، وقال وهو يبكي:
"لا تبكي يا أمي… لا يستحق الأمر دموعك. لقد تعبت من رؤية ذلك الرجل يهينك بسببي كل يوم. ومن أجل سعادتك، سأرحل."
قبّل يدها، وحمل ملابسه البسيطة، وغادر المنزل. تركها تقف كأن قلبها احترق بنيران لا تُطفأ، تدور برأسها أسئلة لا تنتهي:
إلى أين سيذهب؟ أين سيعيش؟ من سيطعمه؟ ماذا لو مرض؟ من سيعتني به؟
رفعت يديها إلى السماء والدموع تملأ عينيها، وقالت بحرقة:
"اللهم إني استودعتك ابني اليتيم، فاحفظه بحفظك، واكلأه برعايتك، وأعده إلي سالمًا غانمًا معافى."
ولما عاد الزوج من عمله بعد ساعات، وجد زوجته تجلس بهدوء مريب، يعلو وجهها رضا وطمأنينة غريبة. فسألها بدهشة:
"كيف تبدين سعيدة وقد رحل ابنك للتو؟"
ابتسمت بثقة وأجابت:
"لقد أوكلت أمره إلى من هو أقدر منك على رعايته… إلى من لا يمل ولا يكل، ولا يطلب مقابلاً."
فقال الرجل متعجبًا:
"ومن يكون هذا؟"
أطرقت الأم برأسها، وهمست بإيمان:
"الله."
قال الزوج يومًا ساخرًا لزوجته:
"العالم في الخارج لا يرحم مسكينًا ولا يشفق على جائع… يبدو أن ابنك فقد عقله."
ومضت الأيام، وتعاقبت السنين بسرعة، حتى جاء اليوم الذي عاد فيه ذلك الابن إلى أمه، وقد أصبح شابًا ناضجًا يحمل طفلاً بين يديه، وإلى جانبه امرأة متحجبة بوقار. دخل البيت، سلّم على أمه، فاحتضنته بلهفة وهي تفيض سعادة ودهشة، ثم نظرت إلى المرأة والطفل متسائلة:
"ومن هذه؟ وابن من هذا الطفل؟"
ابتسم الابن وقال:
"هذه زوجتي… وهذا ابني يا أمي."
اتسعت عيناها تعجبًا، وقالت بصوت مبحوح من الدهشة:
"وكيف استطعت أن تبني حياة لك، وأنت خرجت من بيتي بلا مال ولا مأوى؟"
جلس بجانبها، وأخذ يدها بحنان، وقال:
"بالحقيقة يا أمي… لا أعلم كيف سارت بي الأقدار. كنت تائهًا ووحيدًا لا أعرف إلى أين أذهب. وفي إحدى الليالي، وجدت نفسي في قرية صغيرة، فاتجهت إلى مسجد هناك، نمت في ساحته، وكنت في النهار أبحث عن عمل، وفي الليل أعود لأبيت في المسجد. قصصت حكايتي لإمام المسجد، وطلبت منه أن يسمح لي أن أبقى حتى أجد مكانًا أذهب إليه، فوافق. لم يتركني جائعًا قط، كان يطعمني كل يوم، وكنت بالمقابل أنظف المسجد كل مساء."
تنهد قليلًا ثم أكمل:
"ذلك الإمام الصالح أخذ بيدي، علّمني القرآن، وأرشدني إلى أمور الدين. كنت أقرأ كل يوم في مكتبة المسجد حتى امتلأ قلبي بالسكينة. وفي يوم من الأيام، مرض الإمام، فطلب مني أن أتقدم لأصلي بالناس، ومنذ تلك الليلة وأنا إمام لهم. شيئًا فشيئًا، أحبني أهل القرية ورأوا فيّ الخير والصلاح، حتى جاءوني يومًا وعرضوا علي الزواج من فتاة يتيمة لا تملك في الدنيا إلا جدتها. وافقت، وتكفلوا بكل شيء. تزوجت، وبعد فترة قصيرة توفيت الجدة، فانتقلت إلينا قطعة أرض ورثتها زوجتي عنها. زرعت الأرض بيدي، ومع الأيام بارك الله في زرعها، وتحسنت أحوالنا، ثم وسّع الله علينا، فرزقنا أراضي أخرى ورزقًا واسعًا."
ابتسم وهو يربت على يد أمه:
"كنت أشعر دائمًا أنك معي يا أمي، بدعواتك التي كانت تفتح لي أبواب السماء. والله ما فتح الله عليّ إلا بسببك أنت."
انفجرت الأم بالبكاء من شدة السعادة، وحضنت حفيدها بين ذراعيها، بينما انحنى ابنها وقبّل يدها بإجلال. أما الزوج القاسي، فقد وقف مدهوشًا لا يصدق عينيه، كيف عاد ذلك الصبي الذي ظنه ضائعًا بلا مأوى… ليصبح رجلًا صالحًا، غنيًا، مباركًا؟
سبحان الله الرازق الرزاق… يعطي من يشاء بغير حساب. لقد أعطى هذا اليتيم بفضل دعوات أمه ورضاها.
تعليقات
إرسال تعليق