الصفقة: ليلة لم تكتمل - قصة زفاف تحولت إلى كابوس | خيانة ونجاة بأعجوبة

في ليلة زفافي… اكتشفتُ أنني الصفقة.

كان افتتاح المعرض الفني في منطقة الفنون بالخُبر مزدحمًا وصاخبًا ومتكلّفاً تمامًا من النوع الذي أتجنّبه عادة. كنتُ فنانة تكافح لإثبات نفسها، ومتخصّصة في اللوحات التجريدية الزيتية التي يصفها النقّاد بـ«الواعدة» بينما يصفها المشترون بـ«المربِكة». وقفتُ في الزاوية، ممسكةً كأسًا من العصير، أراقب الناس يتجاهلون أعمالي.

ثم دخل دانيال.

لم يكن الأمر متعلقًا بوسامته فقط، رغم أنه امتلك ملامح متناظرة وحادّة تشبه تلك التي تُخصَّص لغلاف مجلّة. بل كان بالطريقة التي يتحرّك بها بثقة هادئة تشقّ الحشود. سار مباشرة نحو أكثر لوحاتي غموضًا، لوحة «الفراغ الأزرق»، وهي قطعة بالغتُ في تسعيرها كي لا يشتريها أحد.

قال وهو يلتفت إليّ، وعيناه الزرقاوان تعكسان برودة مفاجئة:

«إنها رائعة. تلتقط شعور الغرق في الهواء الطلق. يجب أن أقتنيها.»

تمتمتُ: «ليست للبيع فعليًا.»

«أدفع ضعف السعر»، قال وهو يبتسم. «اعتبريه عربونًا للتعرّف إلى الفنانة صاحبة العيون الحزينة.»

كانت تلك البداية.

الأشهر الستة التالية كانت دوّامة من كل ما أعرف الآن أنه «سيطرة عاطفية منمّقة»،

لكنه بدا لي حينها كأنه قدر.

كان دانيال مثاليًا. رجل أعمال ناجح، واسع الموارد، واسع السحر. ملأ مرسمي بباقات الورد الجوري المستورد، وأخذني إلى باريس لتناول العشاء لمجرّد أنني تحدّثت عن كرواسون اشتقت إليه. استمع إلى أحلامي، وطمأن مخاوفي، وجعلني أشعر بأنني مركز الكون.

كان أصدقائي يغبطونني. وكان والداي مطمئنين لأنني وجدت «استقرارًا»

أما سارة، أختي الكبرى، فلم تُبدِ أي انبهار.

كانت سارة محامية واقعية اللّهجة، ترى العالم من منظور المخاطر والمسؤوليات. وبينما انشغل الجميع بإعجابهم بإيماءات دانيال، كانت هي تراقبه بعين حادّة لا ترمش.

قالت لي ليلةً، ونحن نحتسي القهوة في مطبخي:

«إنه مثالي أكثر مما ينبغي يا ميار. لا أحد بهذه النعومة. الأمر يبدو

 مصطنعًا. وكأنه يقرأ من نص.»

قلتُ لها، وقد جرحني كلامها:

«أنتِ فقط متشائمة. لماذا لا تستطيعين أن تكوني سعيدة لأجلي؟ هل تغارين؟»

أصابها كلامي بالوجوم، لكن ذلك لم يُبدّد القلق العميق الذي كان يسكن عينيها.

جاء يوم الزفاف كذروة موسيقية. كان المكان «قصر الزهور»، قصرًا زجاجيًا تملؤه آلاف زهور الأوركيد البيضاء. وقفتُ على المنصّة داخل فستان حريري مُفصَّل، ويدي في يد دانيال. كنّا الثنائي الذهبي. كانت المراسم مثالية، والاستقبال كالحلم.

وحانت لحظة قطع الكعكة. كانت كعكة ضخمة مكوّنة من سبع طبقات، تُشبه تحفة معمارية متوّجة بورق الذهب.

ابتسم دانيال وقال: «هل أنتِ مستعدة يا حبيبتي؟»

ووضع يده فوق يدي على مقبض السكين الفضّي. حدّقتُ في وجهه بثقة، أعتقد أن حياتي رست أخيرًا على شاطئ السعادة.

فجأة، صعدت سارة إلى المنصّة.

ظنّ الضيوف أنها تريد تهنئتي. ابتسموا. اقتربت مني سارة وشدّت على كتفي بقوة. لكن في اللحظة التي أحاطت ذراعيها بي، شعرتُ باهتزازها. كانت ترتجف من خوف عميق، خوف كاد ينتقل إلى عظامي.

همستُ: «سارة؟»

لم تتراجع. انحنت وكأنها تعدّل ذيل الفستان، حاجبةً وجهها عن دانيال والضيوف.

قبضت على كاحلي بقوة مؤلمة. اقتربت من أذني، وهمست بصوت منخفض يرتجف كأنه صادر من مكان مظلم:

«لا تقطعي الكعكة. اقـلبيها الآن. إن أردتِ النجاة هذه الليلة.»

اختنق نفسي. أردتُ أن أسألها، أن أعاتبها، أن أنعتها بالمجنونة.

لكنني

رفعتُ نظري إلى دانيال.

لم يكن ينظر إليّ.

كان يحدّق في ساعته بشدّة، فكيه متشنّجان.

وحين أعاد نظره إلى الكعكة، ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة، باردة… ابتسامة انتظار، كما ينتظر الصيّاد سقوط الفخّ على فريسته.

لم يكن ينتظر احتفالًا.

كان ينتظر نتيجة.

قال بصوت منخفض فقد كل دفئه:

«هيا يا عزيزتي. اقطعي بعمق. لا أستطيع الانتظار لتجربي أوّل قضمة. الكريمة… مميّزة جدًا.»

اشتدّت قبضته حول يدي. لم تعد يده مريحة؛ كانت قيدًا.

نظرت في عينيه. لم تعد زرقتهما جميلة. أصبحتا خاويتين، بلا روح، كعيني حيوان مفترس مهما تزيّن.

صرخة سارة تردّدت في رأسي.اقـلبيه.

لم أفكّر.

تولّت غريزتي القيادة.

بدلًا من الضغط بالسكين، حوّلتُ ثقلي. دفعتُ العربة بقوة بجانبي.

وقع الارتطام مدويًا.

اهتزّت الكعكة العملاقة لحظة، ثم انهارت على أرضية الرخام. تحطّم السيراميك، وتناثر الإسفنج والكريمة، وغطّت الفوضى الصفّ الأمامي من الضيوف. انسكب ورق الذهب والكريمة البيضاء على فستاني وبدلة دانيال.

ساد صمت رهيب.

توقّفت الفرقة الموسيقية في منتصف النغمة.

وقف دانيال مشدوهًا.

انزلقت كتلة من الكريمة على خده.

اخترقخ بصوت جافّ:

«يا عديمة العقل!»

ورفع يده كأنه سيصفعني أمام الجميع.

لم تنتظر سارة لحظة. تخلّت عن حذائها العالي، وأمسكت بمعصمي.

«اركضي!»

ركضنا.

شقيقتان، حافيتان، تهربان عبر حطام حلم زائف. انزلقنا فوق الكريمة، تخطّينا الفوضى، واندفعنا نحو المدخل الخلفي الذي سبق أن تحقّقت منه سارة.

صرخ دانيال من خلفنا:

«أمسكوهما!»

لم يكن صوت عريس—كان أمرًا عسكريًا.

اندفعنا إلى المطبخ، مفاجِئتين الطهاة. لم تتوقف سارة. أسقطت رفًا من القدور خلفنا.

صرختُ وأنا أرفع فستاني الممزق: «سارة، ماذا يحدث؟!»

«اركضي فقط!»

تحطّم باب المطبخ خلفنا.

دخل دانيال—لم يكن وجهه يحمل قلقًا، بل شيئًا أكثر ظلامًا. أخرج جهاز اتصال من جيبه، وقال:

«رمز أحمر. الهدف يهرب! أغلقوا المداخل. أريدهم سالمين. يمكنكم استخدام القوة، لكن احفظوا الوجوه.»

الهدف.

«الحراس» الذين ظننتهم لأمن الحفل… استلّوا صواعق وهراوات قابلة للطي. لم يكونوا حراسًا. كانوا رجالًا مأجورين.

سحبتني سارة إلى الساحة الخلفية. ضرب هواء الليل البارد وجهي.

ركضنا عبر الأسفلت نحو موقف الموظفين. كانت سيارة سارة القديمة متجهة نحو المخرج. كانت جاهزة.

صرخت: «اصعدي!»

دست على الوقود قبل أن تغلق الباب.

ركض أحد الرجال نحو السيارة، وضرب نافذتي بالهراوة. تناثر الزجاج عليّ. صرخت.

اندفعت السيارة للأمام، وارتطم الباب المفتوح بالرجل فدفعه جانبًا. ابتعدنا، تاركين الرعب خلفنا.

قُدنا عشر دقائق في صمت، والهواء يصفع وجهي من النافذة المحطّمة.

قلت بصوت مرتجف: «لماذا؟ لماذا يقول إنني هدف؟»

أخرجت سارة ملفًا أصفر وجهاز تسجيل صغير، ووضعتهما في حضني.

قالت بصوت قاسٍ:

«اقتحمتُ مكتبه ظهر اليوم. كنتُ أعلم أن أمرًا ما خلف أسفاره المتكرّرة. استمعي.»

شغّلت التسجيل. كان خافتًا، لكنه واضح بما يكفي.

صوت دانيال:

«لا تقلق يا سيدي. كل شيء سينتهي الليلة. الفتاة مثالية. بلا ارتباطات مهمة، وسجلها الطبي نظيف. وبما أنها زوجتي، فلن يقدّم أحد بلاغًا باختفائها بعد رحلة “شهر العسل”.»

صوت آخر مشوّه:

«والتسليم؟»

دانيال:

«اللّيلة. الكعكة تحتوي على جرعة قوية. ستنهار أمام الجميع. سأنقلها إلى الجناح.

تحضر أنت الشاحنة. خذوها عبر الحدود. افعلوا ما تشاؤون. المهم أن يُسدَّد دَيني.»

توقّف التسجيل.

جلستُ متجمّدة. شعرتُ بأن الواقع ينفصل عنّي. تلاشت كل اللحظات التي اعتقدتُ أنها حبّ. كانت مجرد استثمار.

لم أكن إنسانة بالنسبة له. كنت صفقة.

قلتُ بصوت مختنق: «كان… سيبيعني؟»

نظرت إليّ سارة بعينين تلمعان:

«كان سيقضي عليكِ يا ميار. لم يكن فارس أحلامك… بل رجلًا غارقًا في ديون، يبحث عن أي مخرج.»

تمتمتُ: «إلى أين نذهب؟»

«إلى مركز الشرطة.»

قالتها بحزم.

«لكن لديه رجال. ولديه مال!»

«ونحن لدينا دليل.»

أشارت إلى حقيبة تبريد صغيرة في الخلف.

«جلبتُ عيّنة من كريمة الطبقة العليا. كانت مخصّصة لك.»

وصلنا إلى المركز. دخلتُ بزيّ الزفاف المدمّر، أحمل الدليل.

استمع الضباط إلى التسجيل. فحصوا العيّنة. تغيّر لون الاختبار فورًا. النتيجة إيجابية لمادة قوية.

في تلك اللحظات، كان دانيال في القاعة يخاطب الضيوف، متظاهرًا بالأسى:

«ميار… لقد أصابها انهيار. أرجوكم اذهبوا. يجب أن أبحث عنها.»

ثم علا صوت صفّارات الشرطة.فريق التدخل القاعة.

دخلتُ مع سارة خلف الضباط. رآني دانيال. ظنّ أن رجاله أمسكوا بي، فاقترب.

«ميار! عزيزتي، هل أنت بخير؟ لقد كنتِ—»

صفعته.

صفعة مدوية جفّفت صوته.

قلت ببرود:

«انتهى العرض يا دانيال. دينك يُسدَّد الآن… لكنك ستدفعه بعشرين عامًا خلف القضبان.»

قبض الضباط عليه.

وسُحب رجاله واحدًا تلو الآخر.

نظر إليّ وهو يُقتاد، وقال بيأس: «كنت أحبّك.»

قلت: «كنتَ تحبّ السعر فقط.»

مع شروق الشمس، جلسنا على شاطئ نصف القمر قرب مركز الشرطة.

أشعلنا نارًا صغيرة.

خلعتُ فستان الزفاف الثقيل.

ألقيته في النار.

اشتعل الحرير بسرعة.

راقبتُ كذبة حياتي تحترق.

جاءت سارة ووضعت حولي بطانية، وجلست إلى جواري.

أسندتُ رأسي على كتفها.

قلت بصوت خافت: «ظننتُ أنك تغارين. ظننتُ أنك تكرهين سعادتي.»

ابتسمت ابتسامة حزينة وقالت:

«لم أرد سوى أن تبقي بخير يا ميار. لا أحتاج لأمير لكِ… أحتاج أختي.»

جلسنا نراقب الشمس تمزّق الضباب.

انتهت أسطورة وهمية بناها رجل يرتدي بدلة.

لكن حين أمسكتُ بيد أختي، أدركت أنني متحررة.

أدركت أن الحقيقة أثمن من

أي حلم زائف…

وأنّ الحب الذي ينقذ الحياة لا يأتي من رجلٍ يزيّف ابتسامته—بل من أخت كانت على استعداد لأن تقف في وجه العالم كله كي تحميني.


في ليلة زفافها، تكتشف "ميار" أن كل شيء كان كذبة كبيرة. الرجل المثالي، الحب المدّعي، والزفاف الحالم... كلها كانت مجرد واجهة لصفقة مروعة. لحسن الحظ، كانت أختها "سارة" تنظر بعين الشك طوال الوقت.

شاهدوا هذه القصة المليئة بالتشويق والإثارة، المستوحاة من أحداث واقعية، لتتعرفوا على:

  • كيف تكتشفين الشخصية النرجسية والمتلاعبة.

  • علامات الخطر في العلاقات التي يجب عدم تجاهلها.

  • قوة الروابط الأسرية الحقيقية وأهمية الثقة بالأخت.

  • كيف يمكن أن يتحول الحلم إلى كابوس في لحظة.

🎧 الإهداء: إلى كل من مر بتجربة خيانة أو شعور بالخداع... تذكروا أن الحب الحقيقي لا يؤذي، وأن غريزتك نادرًا ما تخونك.

#قصة #قصص #قصة_واقعية #دراما #رعب #تشويق #خيانة #زفاف #الخليج #السعودية #قصص_عربية #قصة_مشوقة #نهاية_غير_متوقعة #علاقات #توعية #تحذير #عائلة #أخوات #إنقاذ #كابوس #لحظة_حقيقة #صفقة #سوهو #معرض_فني
قصة زفاف, ليلة الزفاف, خيانة الزوج, قصة خيانة, قصة واقعية, قصص عربية, قصص سعودية, دراما عربية, تشويق, رعب نفسي, نهاية غير متوقعة, تلاعب عاطفي, سيطرة عاطفية, شخصية نرجسية, علامات الخطر في العلاقات, تحذير من الزواج, قصة أخت, إنقاذ, هروب, جريمة, اختطاف, صفقة, معرض فني, لوحات فنية, كعكة الزفاف, شرطة, تحقيق, قصة تحذيرية, علاقات سامة, تم التصريح به, القصة كاملة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

🛳️ قصة أسرار السفينة الغامضة… واكتشاف لم تكن ياسمين تتوقعه!

روتينك الصباحي للبشرة: 7 خطوات بسيطة للحصول على بشرة صحية